الدماغ و اللغة

أن مراكز اللغة والكلام تتوضع في القشرة المخية،هناك نصفي كرتي مخ،كل نصف كرة مخية يسيطر على وظائف الطرف المعاكس من الجسم، وهناك ارتباط بين نصفي كرتي المخ بواسطة الجسم الثفني الذي يعتبر أهم رابط بين الفصين الدماغيين والذي يربط بصفة غالبة المناطق المتماثلة في نصفي الكرة الدماغية (المناطق العصبية المتماثلة تشريحيا و وظيفيا) أو المناطق المختلفة تشريحيا والمتقاربة وظيفيا. لم تصل الدراسات التي أقيمت إلى نفس النتائج إلا أنها أشارت إلى أن الاتصال الوظيفي لنصفي الكرة الدماغية يزيد مع التقدم في السن. و ينتج عن إصابة الجسم الثفني انقطاع الاتصال بين نصفي الكرة الدماغية مما يؤدي إلى اضطرابات (Nadia Sam, 2008). وتشارك بالإضافة إلى الجسم الثفني عدة مناطق أخرى في هذا الترابط، ويكون ذلك بواسطة مسارات ومسالك وهي الألياف العصبية الصاعدة والهابطة من القشرة المخية نحو النخاع الشوكي، وبواسطة ألياف عصبية ترابطية تؤمن الاتصال داخل نصف الكرة المخية الواحدة، وألياف عصبية تؤمن الاتصال بين نصفي كرتي المخ، وهذا ما يؤكد على أن مراكز الحس والحركة في القشرة المخية تعمل مع بعض عن طريق مناطق ترابطية، بحيث تصبح القشرة عبارة عن شبكة واحدة، بالرغم من قيام كل مركز حسي أو حركي بوظيفته على حده، ومن بين المناطق القشرية الهامة المتعلقة بوظيفة الكلام، المنطقة التي اكتشفها العالم الفرنسي الطبيب بولس بروكا (فيصل محمد خير الزراد، 1990)، وهي المنطقة الواقعة على مستوى الثلث الخلفي للتلفيف الجبهي الثالث الأيسر ـ الواقع في نصف الكرة الأيسر لأغلبية الأشخاص ـ وهي ملاصقة للمنطقة المسئولة عن العضلية الحلقية الفمية، ونجد في هذه المنطقة قسمين: المنطقة الغطائية (الخلفية) والمنطقة المثلثة (الأمامية)، هذه الأخيرة تشكل القشرة المشتركة الثلاثية المتعددة الأقطاب وذلك لتشكيل المخطط البراكسي الذي يضمن إنتاج الرسالة الصوتية، المنطقة الغطائية متعلقة بالقشرة المشتركة الثنائية أحادية القطب المتحكمة في الحركات الصوتية النطقية التي تسمح بإنتاج الأصوات التي تشكل العناصر الرامزة في اللغة. كما نجد في الواجهة العلوية للفص الصدغي ما يعرف بـ le planum temporale الذي يشكل مع منطقة صغيرة من الواجهة الخارجية للتلفيف الصدغي الأول ـ الواقع في نصف الكرة الأيسر لأغلبية الأشخاص ـ منطقة أخرى هامة في وظيفة الكلام وهي منطقة فاراتقي اللهي أين يتم فك ترميز الإشارات السمعية وخاصة الصفات الواضحة للأصوات، تنتمي هذه المنطقة إلى القشرة المشتركة الثانوية المتخصصة في عملية السمع وتستقبل هـذه المنطقة فـي نصف الكرة الدماغية الأيسر المعلومات الصادرة عـن مـا يعرف بـ le planum temporale الأيمن بواسطة محاور interhémisphériques الممتدة في الجسم الثفني. أما بالنسبة إلى نصف الكرة الدماغية الأيمن ـ عند غالبية الأشخاص ـ فيتم حدوث أول تحليل للإشارات الصوتية للكلام و بالتحديد المتعلقة بالمكونات الإيقاعية والعاطفية.
منطقة فاراتقي اللهي ومنطقة بروكا يمثلان المسارات اللازمة التي يحدث على مستواها تدريجيا فك ترميز الإشارات الصوتية الشفهية وشكل التعبير والبرمجة الحركية للإنتاج الصوتي النطقي للكلام (Nadia Sam, 2008).
وتلعب الأعصاب الدماغية (أنظر ص )في الجهاز العصبي المركزي دورا هاما في تأمين وظيفة الحس والحركة الكلاميين، وكذلك وظيفة فهم وإدراك مدلول المعاني والاستجابة إلى الأصوات، وهذه الأعصاب الدماغية تؤثر من حيث سلامتها أو إصابتها على وظيفة النطق والكلام وهي تشرف على هذه الوظيفة مع الإشراف على وظائف عضوية أخرى، ومن الأعصاب الدماغية الهامة في عملية النطق والكلام وهي (فيصل محمد خير الزراد، 1990):
- العصب الدماغي الثاني وهو العصب البصري وهذا العصب يربط بين شبكية العين (الكلمات المقروءة والمكتوبة) وبين الفص القفوي، وإصابة هذا العصب يؤدي إلى اضطراب الإبصار أو فقدان البصر.
- الغصب الدماغي رقم خمسة وهو عصب مختلط حسي حركي، حسي يجلب الإحساسات من الوجه وحركي يتصل بعضلات المضغ والبلع ـ وهي أعضاء الكلام ـ وإصابة هذا العصب يؤدي إلى ضمور عضلات المضغ الفكية التي تلعب دورا في عملية الكلام.
- العصب الدماغي الثامن أو العصب السمعي و هو حسي يتصل بالعصب القوقعي في الأذن، و عصب الدهليز، و إصابة هذا العصب تؤدي إلى الصمم.
- العصب الدماغي التاسع و هو عصب حسي-حركي، و هو يشرف على عملية البلع وعلى عمليات أخرى، و إصابة هذا العصب تؤدي إلى شلل العضلة البلعومية و عدم القدرة على حركة الفك أو الكلام.
- العصب الدماغي العاشر، و هو عصب حسي-حركي له عدة وظائف مثل الإشراف على عملية التنفس، وهو يغذي الأوتار الصوتية و إصابة هذا العصب يؤدي إلى إبطاء وصعوبة التنفس وتغيير الصوت وصعوبة البلع و إلى أعراض مرضية تؤثر في عملية الكلام.
- العصب الدماغي الثاني عشر وهو عصب حركي يزود بفروعه عضلات اللسان، وإصابة هذا العصب تؤدي إلى شلل أو ضمور عضلات اللسان وعدم القدرة على الكلام أو المضغ أو البلع.
و من الطبيعي أن يلعب الجهاز العصبي الودي والقرب ودي دورا في تنظيم عملية التنفس وفي عملية الشهيق والزفير وسرعة التنفس وتقلص عضلات الشعب الهوائية مما ينعكس إيجابا أو سلبا على وظيفة النطق و الكلام ولدى الفرد .